تحولت استقالة أعضاء كتلة التيار الصدري في مجلس النواب العراقي إلى حدث فارق، قد يسهم في إنهاء حالة الجمود والدوران في حلقة مفرغة من المواقف والمواقف المضادة (الانسداد السياسي، حسب التعبير العراقي)، أو أنه سيكون على العكس من ذلك سببًا في تفاقم الوضع وتصاعد حدة الاستقطابات والوصول إلى حافة العنف أو ربما الدخول فيه.
كان أعضاء التيار الصدري، وهم يمثلون أكبر كتلة برلمانية بـ73 نائبًا من مجموع 329، قد قدموا استقالاتهم بناء على أمر زعيم التيار، مقتدى الصدر، الذي اعتبر ذلك “تضحية من أجل الوطن والشعب لتخليصهم من المصير المجهول”، كما جاء في رسالته إلى رئيس الكتلة في البرلمان. وفي نفس اليوم، قام رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، بالموافقة على الاستقالات جميعًا، قبل أن يكتب على تويتر أنه فعل ذلك استجابة لطلب من الصدر نفسه.
وبعد أيام من ذلك، التقى الصدر في مقره بمدينة النجف مع نوابه المستقلين، وبرر قراره “الانسحاب من العملية السياسية” بعدم رغبته “مشاركة الفاسدين بأية صورة من الصور”، وتعهد بأنه لن يشترك في أي انتخابات مقبلة ما لم تجر “إزاحة الفاسدين وكل من نهب وسرق العراق وأباح الدماء”، لينهي تكهنات تحدثت عن احتمالية عودته عن قراره، في حال صدرت مبادرات يمكن أن تعالج شكاواه.
من المتوقع أن تُحدث الاستقالات أثرًا مباشرًا وقويًّا على الخريطة السياسية لمجلس النواب. ووفقًا لقواعد النظام الداخلي للمجلس، ستنتقل العضوية لأعلى (الخاسرين) أصواتًا في الانتخابات ضمن نفس القوائم الانتخابية للأعضاء المستقيلين، وسيعني ذلك حصول القوى السياسية المنتمية للدوائر الانتخابية التي فاز بها الصدريون على معظم المقاعد الشاغرة، ومن بين هؤلاء الأحزاب (الشيعية) التي كانت في مواجهة مع التيار الصدري، لكن ذلك قد لا يعني بالضرورة استعادتهم لأغلبية نسبية كانوا خسروها بعد الفوز الكبير للصدريين.