جبل المايدة أو جبل سيدي عبدالقادر أو جبل سيدي هيدور هو جبل الطُّلبة (حفظة القرآن) وخلوات الصالحين التي لا يزال بعضها توقد فيه الشموع إلى اليوم، كل هذه الاسماء الرمزية الروحية والحضارية يتغلب عليها مسخاً اسم سانتا كروز وتصير الكنيسة والقلعة الاحتلالية الاسبانية هي الميراث المزار والواجهة السياحية لوهران، نعم لسنا ضد تاريخ عرفته البلد وبعض ذلك مكسب سياحي واثري وثقافي ولكن ان يُسوق المسخ المتعمد للمدينة وتاريخها بعد استرجاع سيادتنا منذ ستين سنة هو ما نستنكره ونستهجنه.
#اتذكر هنا صنيع والٍ سابق لوهران حين اقترحت عليه ان نبني مسجدا تكريما للذين جاهدوا ضد احتلال الاسباني من طلبة القرآن الكريم وفقهاء ومتطوعين ، ورحب وشرع فورا في تجسيد ذلك مع مدير الشوون الدينية والاوقاف الاسبق عزوزة يوسف وأكمل ذلك الزميل مسعود عمروش ، وتم تدشينه كنافلة بعد اعادة تدشين وتطويب لقساوسة في كنيسة سانتا كروز بجبل المايدة (وقد اعتبرنا ذلك تسامحا ولم نكن ضده بل بالعكس تعبير عن تعايش ديني في وهران)، ولم يكن في الذكر (اي تدشين مسجد الطلبة) الا من العابرين، الحمد لله هذا المسجد باسم طلبة القرآن الكريم وتصلى فيه الصلوات جنب قبة رمزية للشيخ عبدالقادر الجيلاني .
#جبل المايدة الممسوخ اليوم اعلاميا ومن طرف بعض الجمعيات التي تبرز الآثار الاسبانية وتغفل جهلا او عمدا الآثار التركية والاسلامية كان شاهدا على نهاية المرابطين وبداية انتصار الموحدين، فآخر خليفة مرابطي لقي حتفه هناك مع زوجته في (صلب الكلب) الذي أصبح يسمى (صلب الفتح) ،انه الجبل الذي تعددت اوصافه عند المؤرخين والشعراء الذي يحرس مدينة مغراوة التي تعايش فيها القبائل والبطون الحزائرية .
#ترى هل نختصر المسخ في كُتّاب او ادباء لا يمتون بصلة للاستقلال والحضارة أو مواقع قد تكون ذات أهمية فنية ربحية ترتبط بأغنية الراي لكنها ليست معلما حضاريا ، اين بيت الاقامة الجبرية للامير الامير عبدالقادر ووالده قبل الاحتلال الفرنسي؟ واين بيت البير كامي الذي من المفروض ان يكون معلما يزوره الرسميون وغير الرسميين من الفرنسيين ؟ واين اضرحة الذين حرروا وهران من الاسبان ؟ واين امكنة رمزية للمقاومين والشهداء؟ واين؟ واين؟ واين ؟ .
هل المدينة تحتاج فتحا علميا وجزائريا وحضاريا جديدا في وجه الماسخين والممسوخين؟ ومتى نفضح (المغاطيس) الجدد؟
بوزيد بومدين باحث اكاديمي والامين العام للمجلس الاسلامي الاعلى